القائمة الرئيسية

الصفحات

من روائع صيد الخاطر | نبذة عن المؤلف | اقتباسات

 من روائع صيد الخاطر، صيد الخاطر كتابٌ مميزٌ وفريد في الأدب الديني، ما بين التأملات، والخواطر، وبين سبلِ العلم، والوعظ والدين، والأدب.. يخرجُ لنا كتابٌ ككتاب صيد الخاطر لمؤلف نابغة ابن الجوزي عليه رحمة الله.
من روائع صيد الخاطر
من روائع صيد المخاطر

من روائع صيد الخاطر

إن كتاب صيد الخاطر كتاب جميلٌ، وإن صح لي وصفه بالإحساس لفعلت، إذ أن للكاتب فيه أحاسيس مرهفة، ومشاعر جياشة، وتأملات عميقة؛ ومن الجدير بالذكر أن الإمام الغزالي -رحمه الله- أشاد بالكتاب وبصاحبه.

التعريف بالمؤلف:

أذكر وصف الشيخ كما ذكر في سير أعلام النبلاء مختصراً متصرفاً:
 الشيخ الإمام العلامة، الحافظ المفسر، شيخ الإسلام مفخر العراق، جمال الدين، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله ابن الفقيه عبد الرحمن ابن الفقيه القاسم بن محمد ابن خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبي بكر الصديق، القرشي التيمي، البكري البغدادي، الحنبلي، الواعظ، صاحب التصانيف.

حدث عنه: ولده الصاحب العلامة محيي الدين يوسف أستاذ دار المستعصم بالله، وولده الكبير علي الناسخ، وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي الحنفي صاحب "مرآة الزمان"، والحافظ عبد الغني، والشيخ موفق الدين ابن قدامة، وابن الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل، والضياء، واليلداني، والنجيب الحراني، وابن عبد الدائم، وخلق سواهم.

وكان رأسا في التذكير بلا مدافعة ، يقول النظم الرائق ، والنثر الفائق بديها ، ويسهب ويعجب ، ويطرب ، ويطنب ، لم يأت قبله ولا بعده مثله ، فهو حامل لواء الوعظ ، والقيم بفنونه ، مع الشكل الحسن ، والصوت الطيب ، والوقع في النفوس ، وحسن السيرة ، وكان بحرا في التفسير ، علامة في السير والتاريخ ، موصوفا بحسن الحديث ، ومعرفة فنونه ، فقيها ، عليما بالإجماع والاختلاف ، جيد المشاركة في الطب ، ذا تفنن وفهم وذكاء وحفظ واستحضار ، وإكباب على الجمع و التصنيف، مع التصون والتجمل ، وحسن الشارة ، ورشاقة العبارة ، ولطف الشمائل ، والأوصاف الحميدة ، والحرمة الوافرة عند الخاص والعام ، ما عرفت أحدا صنف ما صنف.

من تصنيفاته -رحمه الله-


" صيد الخاطر " ثلاث مجلدات ، " الأذكياء " مجلد ، " المغفلين " مجلد ، " منافع الطب " مجلد ، " صبا نجد " مجلد ، " الظرفاء " مجلد ، " الملهب " مجلد ، " المطرب " مجلد ، " منتهى المشتهى " مجلد ، " فنون الألباب " مجلد " المزعج " مجلد ، " سلوة الأحزان " مجلد ، " منهاج القاصدين " مجلدان ، " الوفا بفضائل المصطفى" مجلدان.

" مناقب أبي بكر " مجلد ، " مناقب عمر " مجلد ، " مناقب علي " مجلد ، " مناقب إبراهيم بن أدهم " مجلد ، " مناقب الفضيل " مجلد ، " مناقب بشر الحافي " مجلد ، " مناقب رابعة " جزء ، " مناقب عمر بن عبد العزيز " مجلد ، " مناقب سعيد بن المسيب " جزءان ، " مناقب الحسن " جزءان ، " مناقب الثوري " مجلد ، " مناقب أحمد " مجلد ، "

مناقب الشافعي " مجلد ، " موافق المرافق " مجلد ، مناقب غير واحد جزء جزء، " مختصر فنون ابن عقيل " في بضعة عشر مجلدا ، " مناقب الحبش " مجلد ، " لباب زين القصص " ، " فضل "مقبرة أحمد" فضائل الأيام " ، " أسباب البداية " ، " واسطات العقود " ، " شذور العقود في تاريخ العهود " ، "الخواتيم " ، " المجالس اليوسفية".

قال سبطه أبو المظفر: سمعت جدي على المنبر يقول: بأصبعي هاتين كتبت ألفي مجلدة، وتاب على يدي مئة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفا. وكان يختم في الأسبوع، ولا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس.

من جميل عباراته وجلها كذلك قوله لأحدهم لمّا سئلهُ إذ قال: أيما أفضل: أسبح أو أستغفر؟ قال: الثوب الوسخ أحوج إلى الصابون من البخور.

مقتطفاتٌ من كتاب "صيد الخاطر"


"تأملت الأرض ومن عليها بعين فكري، فرأيت خرابها أكثر من عمرانها. ثم نظرت في المعمور منها فوجدت الكفار مستولين على أكثره، ووجدت أهل الإسلام في الأرض قليلا بالإضافة إلى الكفار. ثم تأملت المسلمين فرأيت المكاسب قد شغلت جمهورهم عن الرازق، وأعرضت بهم عن العلم الدال عليه.

فالسلطان مشغول بالأمر والنهي واللذات العارضة له، ومياه أغراضه جارية لا شكر لها. ولا يتلقاه أحد بموعظة، بل بالمدحة التي تقوي عنده هوى النفس. وإنما ينبغي أن تقاوم الأمراض بأضدادها. كما قال عمر بن المهاجر: قال لي عمر بن عبد العزيز: (إذا رأيتني قد حدت عن الحق فخذ بثيابي وهزني، وقل: مالك يا عمر؟).

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا). فأحوج الخلق إلى النصائح والمواعظ، السلطان. وأما جنوده فجمهورهم في سكر الهوى، وزينة الدنيا، وقد انضاف إلى ذلك الجهل، وعدم العلم، فلا يؤلمهم ذنب، ولا ينزعجون من لبس حرير، أو شرب خمر، حتى ربما قال بعضهم: (إيش يعمل الجندي، أيلبس القطن؟).

ثم أخذهم للأشياء من غير وجهها، فالظلم معهم كالطبع. وأرباب البوادي قد غمرهم الجهل، وكذلك أهل القرى. ما أكثر تقلبهم في الأنجاس وتهوينهم لأمر الصلوات، وربما صلت المرأة منهن قاعدة.

ثم نظرت في التجار، فرأيتهم قد غلب عليهم الحرص، حتى لا يرون سوى وجوه الكسب كيف كانت، وصار الربا في معاملتهم فاشيا، فلا يبالي أحدهم من أي تحصل له الدنيا؟ وهم في باب الزكاة مفرطون، ولا يستوحشون من تركها، إلا من عصم الله.

ثم نظرت في أرباب المعاش، فوجدت الغش في معاملاتهم عاما، والتطفيف والبخس، وهم مع هذا مغمورون بالجهل. ورأيت عامة من له ولد يشغله ببعض هذه الأشغال طلبا للكسب قبل أن يعرف ما يجب عليه وما يتأدب به.

ثم نظرت في أحوال النساء، فرأيتهن قليلات الدين، عظيمات الجهل، ما عندهم من الآخرة خبر إلا من عصم الله. فقلت: واعجبا فمن بقي لخدمة الله عز وجل ومعرفته؟ فنظرت فإذا العلماء، والمتعلمون، والعباد، والمتزهدون.

فتأملت العباد، والمتزهدين فرأيت جمهورهم يتعبد بغير علم، ويأنس إلى تعظيمه، وتقبيل يده وكثرة أتباعه، حتى إن أحدهم لو اضطر إلى أن يشتري حاجة من السوق لم يفعل لئلا ينكسر جاهه. ثم تترقى بهم رتبة الناموس إلى ألا يعودوا مريضا، ولا يشهدوا جنازة، إلا أن يكون عظيم القدر عندهم. ولا يتزاورون، بل ربما ضن بعضهم على بعض بلقاء، فقد صارت النواميس كالأوثان يعبدونها ولا يعلمون.

وفيهم من يقدم على الفتوى وهو جاهل لئلا يخل بناموس التصدر ثم يعيبون العلماء لحرصهم على الدنيا ولا يعلمون أن المذموم من الدنيا ما هم فيه، إلا تناول المباحات. ثم تأملت العلماء المتعلمين، فرأيت القليل من المتعلمين عليه أمارة النجابة، لأن أمارة النجابة طلب العلم للعمل به.

وجمهورهم يطلب منه ما يصيره شبكة للكسب، إما ليأخذ به قضاء مكان أو ليصير به قاضي بلد، أو قدر ما يتميز به عن أبناء جنسه لم يكتفي. ثم تأملت العلماء فرأيت أكثرهم يتلاعب به الهوى ويستخدمه، فهو يؤثر ما يصده العلم عنه، ويقبل على ما ينهاه، ولا يكاد يجد ذوق معاملة الله سبحانه، وإنما همته أن يحدث وحسب.

إلا أن الله لا يخلي الأرض من قائم له بالحجة، جامع بين العلم والعمل. غارف بحقوق الله تعالى، خائف منه. فذلك قطب الدنيا، ومتى مات أخلف الله عوضه. وربما لم يمت حتى يرى من يصلح للنيابة عنه في كل نائبة.

ومثل هذا لا تخلو الأرض منه، فهو بمقام النبي في الأمة. وهذا الذي أصفه يكون قائما بالأصول، حافظا للحدود، وربما قل علمه أو قلت معاملته. فأما الكاملون في جميع الأدوات فيندر وجودهم، فيكون في الزمان البعيد منهم واحد.

ولقد سبرت السلف كلهم فأردت أن أستخرج منهم من جمع بين العلم حتى صار من المجتهدين، وبين العمل حتى صار قدوة للعابدين، فلم أر أكثر من ثلاثة: أولهم الحسن البصري، وثانيهم سفيان الثوري، وثالثهم أحمد بن حنبل. وقد أفردت لأخبار كل واحد منهم كتابا، وما أنكر على من ربعهم بسعيد بن المسيب.

وإن كان في السلف سادات إلا أن أكثرهم غلب عليه فن، فنقص من الآخر، فمنهم من غلب عليه العلم، ومنهم من غلب عليه العمل، وكل هؤلاء كان هؤلاء كان له الحظ الوافر من العلم، والنصيب الأوفى من المعاملة والمعرفة. ولا يأس من وجود من يحذو حذوهم، وإن كان الفضل بالسبق لهم. فقد أطلع الله عز وجل الخضر على ما خفى من موسى عليهما السلام. فخزائن الله مملوءة، وعطاؤه لا يقتصر على شخص.

وقد حكي لي عن ابن عقيل أنه كان يقول عن نفسه: (أنا عملت في قارب ثم كسر). وهذا غلط فمن أين له؟ فكم معجب بنفسه كشف له من غيره ما عاد يحقر نفسه على ذلك وكم من متأخر سبق متقدما، وقد قيل: إن الليالي والأيام حاملة وليس يعلم غير الله ما تلد.

وفي فصل أخر في الكتاب خط رحمه الله:

"تأملت أمر الدنيا والآخرة، فوجدت حوادث الدنيا حسية طبعية، وحوادث الآخرة إيمانية يقينية. والحسيات أقوى جذبا لمن لم يقو علمه ويقينه. والحوادث إنما تبقى بكثرة أسبابها، فمخالطة الناس، ورؤية المستحسنات والتعرض بالملذوذات، يقوي حوادث الحس. والعزلة، والفكر، والنظر في العلم يقوي حوادث الآخرة.

ويبين هذا بأن الإنسان إذا خرج في الأسواق، ويبصر زينة الدنيا ثم دخل إلى المقابر، ففكر ورق قلبه، فإنه يحس بين الحالتين فرقا بينا. وسبب ذلك، التعرض بأسباب الحوادث. فعليك بالعزلة والذكر والنظر في العلم، فإن العزلة حمية، والفكر والعلم أدوية. والدواء مع التخليط لا ينفع. وقد تمكنت منك أخلاط المخالطة للخلق، والتخليط في الأفعال فليس لك دواء إلا ما وصفت لك. فأما إذا خالطت الخلق وتعرضت للشهوات، ثم رمت صلاح القلب رمت الممتنع."

ومما لهُ أيضاً في ذات الكتاب:

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
من أحب تصفية الأحوال، فليجتهد في تصفية الأعمال. قال الله عز وجل: وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا. قال النبي ﷺ فيما يروي عن ربه عز وجل: لو أن عبادي أطاعوني لسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولم أسمعهم صوت الرعد.

وقال ﷺ: البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا ينام، وكما تدين تدان. وقال أبو سليمان الداراني: من صفى صفي له، ومن كدر كدر عليه، ومن أحسن في ليلة كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفىء في ليله.

وكان شيخ يدور في المجالس، ويقول: من سره أن تدوم له العافية، فليتق الله عز وجل. وكان الفضيل بن عياض، يقول: (إني لأعصي الله، فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي).

واعلم ـ وفقك الله ـ أنه لا يحس بضربة مبنج، وإنما يعرف الزيادة من النقصان المحاسب لنفسه ومتى رأيت تكديرا في حال فاذكر نعمة ما شكرت، أو زلة قد فعلت، واحذر من نفار النعم، ومفاجأة النقم، ولا تغتر بساط الحلم، فربما عجل انقباضه. وقد قال الله عز وجل: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وكان أبو علي الروذباري يقول: من الاغترار أن تسئ، فيحسن إليك، فتترك التوبة، توهما أنك تسامح في العقوبات." 

أقرأ أيضا:



تنزيل كتاب صيد الخاطر PDF: 

لتنزيل كتاب صيد الخاطر: اضغط هنا

المصدر:

موقع: جودريدز
موقع : أبجد


أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع